وجواري جدي ويأخذن أيضاً مني ما ليس عندهن من غناء دارنا فسمعنني ألقي هذين الصوتين على الجارية فأخذنهما مني وسألن الجارية عنهما فأخبرتهن أنهما من صنعتي فسألنها أن تصححهما لهن ففعلت فأخذنهما عنها ثم اشتهر حتى غني الرشيد بهما يوماً فاستظرفهما وسأل إسحاق هل تعرفهما فقال لا وإنهما لمن حسن الصنعة وجيدها ومتقنها ثم سأل الجارية عنهما فتوقفت خوفاً من عمتي وحذراً أن يبلغ جدي أنها ذكرتني فانتهرها الرشيد فأخبرته بالقصة فوجه من وقته فدعا بجدي فلما أحضره قال له يا فضل يكون لك ابن يغني ثم يبلغ في الغناء المبلغ الذي يمكنه معه أن يصنع صوتين يستحسنهما إسحاق وسائر المغنين ويتداولهما جواري القيان ولا تعلمني بذلك كأنك رفعت قدره عن خدمتي في هذا الشأن فقال له جدي وحق ولائك يا أمير المؤمنين ونعمتك وإلا فأنا نفي منهما برىء من بيعتك وعلي العهد والميثاق والعتق والطلاق إن كنت علمت بشيء من هذا قط إلا منك الساعة فمن هذا من ولدي قال عبد الله ابن العباس هو فأحضرنيه الساعة فجاء جدي وهو يكاد أن ينشق غيظاً فدعاني فلما خرجت إليه شتمني وقال يا كلب بلغ من أمرك ومقدارك أن تجسر على أن تتعلم الغناء بغير إذني ثم زاد ذلك حتى صنعت ولم تقنع بهذا حتى ألقيت صنعتك على الجواري في داري ثم تجاوزتهن إلى جواري الحارث بن بسخنر فاشتهرت وبلغ أمرك أمير المؤمنين فتنكر لي ولا مني وفضحت آباءك في قبورهم وسقطت الأبد إلا من المغنين وطبقة الخنياكرين فبكيت غماً بما جرى وعلمت أنه قد صدق فرحمني وضمني إليه وقال قد صارت الآن مصيبتي في أبيك مصيبتين إحداهما به وقد مضى وفات والأخرى بك وهي موصولة بحياتي ومصيبة باقية العار علي وعلى أهلي بعدي وبكى وقال عز علي يا بني أن أراك أبداً ما بقيت على غير ما أحب وليست لي في هذا الأمر حيلة لأنه أمر قد خرج عن يدي ثم قال جئني بعود حتى أسمعك وأنظر كيف أنت فإن كنت