دخل محمد بن عبد الملك الزيات عن الواثق وأنا بين يديه أغنيه وقد استعادني صوتاً فاستحسنه فقال له محمد بن عبد الملك هذا والله يا أمير المؤمنين أولى الناس بإقبالك عليه واستحسانك له واصطناعك إياه فقال أجل هذا مولاي وابن مولاي وابن موالي لا يعرفون غير ذلك فقال له ليس كل مولى يا أمير المؤمنين بولي لمواليه ولا كل مولى متجمل بولائه يجمع ما جمع عبد الله من ظرف وأدب وصحة عقل وجودة شعر فقال الحسن له صدقت يا محمد .
فلما كان من الغد جئت محمد بن عبد الملك شاكراً لمحضره فقلت له في أضعاف كلامي وأفرط الوزير أعزه الله في وصفي وتقريظي بكل شيء حتى وصفني بجودة الشعر وليس ذلك عندي وإنما أعبث بالبيتين والثلاثة ولو كان عندي أيضاً شيء بعد ذلك لصغر عن أن يصفه الوزير ومحله في هذا الباب المحل الرفيع المشهور فقال والله يا أخي لو عرفت مقدار شعرك وقولك .
( يا شادِناً رام إذ مَرّ ... في السَّعانين قَتْلِي ) .
( يقول لي كَيْفَ أَصْبَحْت ... كيف يُصبِحُ مِثْلي ) .
لما قلت هذا القول والله لو لم يكن لك شعر في عمرك كله إلا قولك كيف يصبح مثلي لكنت شاعراً مجيداً .
حدثني جحظة قال حدثني أحمد بن الطيب قال حدثني حماد بن إسحاق قال