فبلغ الخبر عبد الملك فأمهل حتى إذا ولي الحجاج العراق كتب إليه يبعث إليه سعيد بن عيينة وحلحلة بن قيس ومعهما نفر من الحرس فلما قدم بهما عليه قذفهما في السجن وقال لكلب والله لئن قتلتم رجلاً لأهريقن دماءكم فقدم عليه من بني عبد ود عياض ومعاوية ابنا ورد ونعمان بن سويد وكان سويد أبوه ابن مالك يومئذٍ أشرف من قتل يوم بنات قين وكان شيخ بني عبد ود فقال له النعمان دماءنا يا أمير المؤمنين فقال له عبد الملك إنما قتل منكم الصبي الصغير والشيخ الفاني فقال النعمان قتل منا والله من لو كان أخاً لأبيك لاختير عليك في الخلافة فغضب عبد الملك غضباً شديداً فقال له معاوية وعياض يا أمير المؤمنين شيخ كبير موتور .
فأعرض عنه عبد الملك وعرض الدية وجعل خالد بن يزيد بن معاوية ومن ولدته كلب يقولون القتل ومن كانت أمه قيسية من بني أمية يقولون لا بل الدية كما فعل بالقوم حتى ارتفع الكلام بينهم بالمقصورة فأخرجهم عبد الملك ودفع حلحلة إلى بعض بني عبد ود ودفع سعيد بن عيينة إلى بعض بني عليم وأقبل عليهما عبد الملك فقال ألم تأتياني تستعدياني فأعديتكما وأعطيتكما الدية ثم انطلقتما فأخفرتما ذمتي وصنعتما ما صنعتما فكلمه سعيد بكلام يستعطفه به ويرققه فضرب حلحلة صدره وقال أترى خضوعك لابن الزرقاء نافعك عنده فغضب عبد الملك وقال اصبر حلحلة فقال له أصبر من عود بجنبيه جلب فقتلا وشق ذلك على قيس وأعظمه أهل البادية منهم والحاضرة فقال في ذلك علي بن الغدير الغنوي .
( لِحَلْحَلَة القَتِيلِ ولاْبنِ بدْر ... وأهل دِمَشْقَ أنْجِبِة تَبِينُ )