وتفتقا فقال له قوم فقال خفا الأمير يطأ بهما الروضة ويعلو بهما منبر النبي دينارا فقال ضعهما بين يديه فوضعهما ثم قال للأعرابي اضمم إليك متاعك وقال لبعض الأعوان اذهب فخذ الجمل وقال لآخر امض مع الأعرابي فاقبض منه ما بقي لنا عليه من ثمن المتاع وهو عشرون دينارا فوثب الأعرابي فأخذ القماش فضرب به وجوه القوم لا يألو في شدة الرمي به ثم قال له أتدري أصلحك الله من أي شيء أموت قال لا قال لم أدرك أباك عثمان فأشترك والله في دمه إذ ولد مثلك ثم نهض مثل المجنون حتى أخذ برأس بعيره وضحك أبان حتى سقط وضحك كل من كان معه وكان الأعرابي بعد ذلك إذا لقي أشعب يقول له هلم إلي يا بن الخبيثة حتى أكافئك على تقويمك المتاع يوم قوم فيهرب أشعب منه .
أخبرني جعفر بن قدامة قال حدثنا أحمد بن الحارث عن المدائني قال حدثني شيخ من أهل المدينة قال .
كانت بالمدينة عجوز شديدة العين لا تنظر إلى شيء تستحسنه إلا عانته فدخلت على أشعب وهو في الموت وهو يقول لبنته يا بنية إذا مت فلا تندبيني والناس يسمعونك فتقولين واأبتاه أندبك للصوم والصلوات واأبتاه أندبك للفقه والقراءة فيكذبك الناس ويلعنوني والتفت أشعب فرأى المرأة فغطى وجهه بكمه وقال لها يا فلانة بالله إن كنت استحسنت شيئاً مما أنا فيه فصلِ على النبي تهلكيني فغضبت المرأة وقالت سخنت عينك في أي شيء أنت مما يستحسن أنت في آخر رمق قال قد علمت ولكن قلت لئلا تكوني قد استحسنت خفة الموت علي وسهولة النزع فيشتد ما أنا فيه وخرجت من عنده وهي تشتمه وضحك كل من كان حوله من كلامه ثم مات