وأما ما يكفي الرجال من الرجال فاكفنيه مر بالأسواق أن ترفع وأمر بتجويد عمل نعشها ولا يحملها إلا الفقهاء الألباء من قريش بالوقار والسكينة وقم على قبرها ولا يدخله إلا قرابتها من ذوي الحجا والفضل فأتى ابن حزم رسولها حين تغدى ودخل ليقيل فدخل عليه فأبلغه رسالتها فقال ابن حزم لرسولها أقرئ ابنة المظلوم السلام وأخبرها أني قد سمعت الواعية وأردت الركوب إليها فأمسكت عن الركوب حتى أبرد ثم أصلي ثم أنفذ كل ما أمرت به وأمر حاجبه وصاحب شرطته برفع الأسواق ودعا الحرس وقال خذوا السياط حتى تحولوا بين الناس وبين النعش إلا ذوي قرابتها بالسكينة والوقار ثم نام وانتبه وأسرج له واجتمع كل من كان بالمدينة وأتى باب عائشة حين أخرج النعش فلما رأى الناس النعش التقفوه فلم يملك ابن حزم ولا الحرس منه شيئاً وجعل ابن حزم يركض خلف النعش ويصيح بالناس من السفلة والغوغاء اربعوا أي ارفقوا فلم يسمعوا حتى بلغ بالنعش القبر فصلى عليها ثم وقف على القبر فنادى من هاهنا من قريش فلم يحضره إلا مروان بن أبان بن عثمان وكان رجلاً عظيم البطن بادناً لا يستطيع أن ينثني من بطنه سخيف العقل فطلع وعليه سبعة قمص كأنها درج بعضها أقصر من بعض ورداء عدني يثمن ألفي درهم فسلّم وقال له ابن حزم أنت لعمري قريبها ولكن القبر ضيق لا يسعك فقال أصلح الله الأمير إنما تضيق الأخلاق قال ابن حزم إنا لله ما ظننت أن هذا هكذا كما أرى فأمر أربعة فأخذوا بضبعه حتى أدخلوه في القبر ثم أتى خراء الزنج وهو عثمان بن عمرو ابن عثمان فقال السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله ثم قال واسيدتاه وابنت أختاه فقال ابن حزم تالله لقد كان يبلغني عن هذا أنه مخنث فلم أكن أرى أنه بلغ هذا كله دلوه فإنه عورة هو والله أحق بالدفن منها فلما أدخلا قال مروان