فأدهشتني وعجبت منها فقلت .
( فهل لِموْلاَي عَطفُ قَلْبٍ ... ولِلَّذي في الحَشَا انقِراضُ ) .
فأجابتني غير مُتوقَّفة فقالت .
( إن كُنتَ تهوى الوِدادَ منا ... فالوُدُّ في دِيننا قِراضُ ) .
قال فما دخل أذني كلام قط أحلى من كلامها ولا رأيت أنضر وجهاً منها فعدلت بها عن ذلك الشعر وقلت .
( أتُرى الزَّمانُ يَسرُّنا بتَلاقِ ... ويَضُمُّ مُشتَاقاً إلى مُشْتاقِ ) .
فأجابتني بسُرعة فقالت .
( ما لِلزَّمانِ وللتَّحكُّم بيننا ... أنتَ الزَّمان فسُرَّنا بتَلاقِ ) .
قال فمضيت أمامها أؤمّ بها دار مسلم بن الوليد وهي تتبعني فصرت إلى منزله فصادفته على عسرة فدفع إلي منديلاً وقال اذهب فبعه وخذ لنا ما نحتاج إليه وعد فمضيت مسرعاً فلما رجعت وجدت مسلماً قد خلا بها في سرداب فلما أحس بي وثب إلي وقال عرفك الله يا أبا علي جميل ما فعلت ولقاك ثوابه وجعله أحسن حسنة لك فغاظني قوله وطنزه وجعلت أفكر أي شيء أعمل به فقال بحياتي يا أبا علي أخبرني من الذي يقول .
( بِتُّ في دِرْعِها وبات رفيقِي ... جُنُب القَلبْ طاهرَ الأطْرافِ ) .
فقلت .
( مَنِ لَهُ في حِرِ أُمِّه ألفُ قَرْنٍ ... قد أنافَت على عُلُوِّ مناف )