أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدثني محمد بن عبد الله اليعقوبي قال .
حدثني البيدق الراوية وكان من أهل نصيبين قال دخلت دار يزيد بن مزيد يوما وفيها الخلق وإذا فتى شاب جالس في أفناء الناس ولم يكن يزيد عرفه بعد وإذا هو مسلم بن الوليد فقال لي ما في نفسي أن أقول شعراً أبداً فقلت ولم قال لأني قد مدحت هذا الرجل بشعر ما مدح بمثله قط ولست أجد من يوصله فقلت له أنشدني بعضه فأنشدني منه .
( مُوفٍ على مُهَجٍ في يوم ذِي رَهَجٍ ... كأَنَّه أجَلٌ يَسْعَى إلى أمَلِ ) .
( يَقرِي السُّيوفَ نُفوسَ النَّاكِثِين به ... وَيَجْعَل الرُّوسَ تِيجَانَ القَنَا الذُّبُلِ ) .
( لا يَعبَقُ الطِّيبُ خَدّيْه ومَفْرِقَه ... ولا يُمَسّح عَيْنَيْه من الكُحُلِ ) .
( إذا انتَضَى سيفَه كانت مسالِكُه ... مسالكَ المَوْت في الأجسام والقُلَلِ ) .
( وإن خَلَتْ بحَدِيث النَّفْسِ فِكرَتُه ... عاش الرّجاءُ ومات الْخَوْفُ من وَجَلِ ) .
( كاللّيث إن هِجْتَه فالمَوْتُ راحتُه ... لا يَسْتَريحُ إلى الأيّام والدُّوَلِ ) .
( للهِ من هاشم في أرضِه جَبَلٌ ... وَأنتَ وابْنُك رُكْناً ذَلك الجَبَلِ ) .
( صدّقْتَ ظَنِّي وصدَّقتَ الظُّنونَ به ... وَحَطَّ جُودُكَ عَقْدَ الرَّحْل عن جملي ) .
قال فأخذت منها بيتين ثم قلت له أنشدني أيضا ما لك فيه فأنشدني قصيدة أخرى ابتداؤها .
( طيفَ الخيال حَمِدْنَا منكَ إلمامَا ... داوَيْتَ سُقْماً وقد هَيّجْتَ أسقامَا ) .
يقول فيها .
( كالدّهْر لا يَنْثَنِي عَمّا يَهُمّ به ... قد أوسعَ النَّاس إنعاماً وإرغامَا )