ثم كان القائم على أمر الحرم وبناء حائطه رياح بن ظالم ففعلوا ذلك وهم على ماء لهم يقال له بس وبلغ فعلهم وما أجمعوا عليه زهير بن جناب وهو يومئذٍ سيد بني كلب فقال والله لا يكون ذلك أبداً وأنا حي ولا أخلي غطفان تتخذ حرماً أبداً .
فنادى في قومه فاجتمعوا إليه فقام فيهم فذكر حال غطفان وما بلغه عنها وأن أكرم مأثرة يعتقدها هو وقومه أن يمنعوهم من ذلك ويحولوا بينهم وبينه فأجابوه واستمد بني القين من جشم فأبوا أن يغزوا معه فسار في قومه حتى غزا غطفان فقاتلهم فظفر بهم زهير وأصاب حاجته فيهم وأخذ فارساً منهم أسيراً في حرمهم الذي بنوه فقال لبعض أصحابه اضرب رقبته فقال إنه بسل فقال زهير وأبيك ما بسل علي بحرام .
ثم قام إليه فضرب عنقه وعطل ذلك الحرم ثم من على غطفان ورد النساء واستاق الأموال وقال زهير في ذلك .
( ولم تَصْبِر لنا غطفَانُ لَمّا ... تلاقَيْنا وأُحرِزَت النِّساءُ ) .
( فَلَوْلا الفَضْلُ منّا ما رَجَعتم ... إلى عذراءَ شِيمَتُها الحَياءُ ) .
( وكم غادَرتُمُ بَطَلاً كمِيّاً ... لدى الهَيْجَاء كان له غَنَاءُ ) .
( فدُونكم دُيوناً فاطْلبُوها ... وأوْتاراً ودُونكم اللِّقاءُ ) .
( فإِنّأ حَيْثُ لا نَخْفى عليكم ... لُيوثٌ حين يحتَضِرُ الِلّوَاء ) .
( فَخَلّي بعدَهَا غطفَانُ بُسّاً ... وما غَطَفَانُ والأَرض الفَضَاء )