فجلس وقال لي يا مخارق أتغني .
( أقولُ التِماسَ العذْرِ لمَّا ظلمْتِنِي ... وحَمَّلتِني ذَنباً وما كنتُ مُذْنِبا ) .
فقلت نعم يا سيدي قال غنه فغنيته فعبس في وجهي ثم قال .
قبحك الله أهكذا يغني هذا ثم أقبل علي علوية فقال أتغنيه قال نعم يا سيدي قال غنه فغناه فوالله ما قاربني فيه فقال أحسنت والله وشرب رطلا وأمر له بعشرة آلاف درهم واستعاده ثلاثا وشرب عليه ثلاثة أرطال يعطيه مع كل عشرة آلاف درهم ثم خذف بإصبعه وقال برق يمان وكان إذا أراد قطع الشرب فعل ذلك وقمنا فعلمت من أين أتيت .
فلما كان بعد أيام دعاني فدخلت إليه وهو جالس في ذلك الموضع بعينه يأكل هناك فقال لي تعال ويلك فساعدني فقلت الطلاق لي لازم إن فعلت فضحك ثم قال ويلك أتراني بخيلا على الطعام لا والله ولكنني أردت أن أؤدبك إن السادة لا ينبغي لعبيدها أن تؤاكلها أفهمت فقلت نعم قال فتعال الآن فكل على الأمان فقلت أكون إذا أول من أضاع تأديبك إياه واستحق العقوبة من قريب فضحك حتى استغرب ثم أمر لي بألف دينار ومضيت إلى حجرتي المرسومة لي للخدمة وأتيت هناك بطعام فأكلت ووضع النبيذ ودعاني وبعلوية فلما جلسنا قال له يا علي أتغني .
( ألم تَقُولي نَعَمْ قالت أرَى وَهَماً ... منّي وهل يُؤْخذ الإِنسانُ بالوَهَمِ )