قال وفيه دور كثير أي صنعة كثيرة والذي ذكره أبو أحمد يحيى بن علي أصح عندي ويدل على ذلك تباين ما بين الأصوات التي ذكرها والأصوات الأُخر في جودة الصنعة وإتقانها وإحكام مباديها ومقاطعها وما فيها من العمل وأن الأخرى ليست مثلها ولا قريبة منها وأخرى هي أن جحظة حكى عمن روى عنه أن فيها صوتا لإبراهيم الموصلي وهو أحد من كان اختار هذه الأصوات للرشيد وكان معه في اختيارها إسماعيل بن جامع وفُليح بن أبي العوراء وليس أحد منهما دونه إن لم يَفُقُه فكيف يمكن أن يقال إنهما ساعدا إبراهيم على اختيار لحن من صنعته في ثلاثة أصوات اختيرت من سائر الأغاني وفضلت عليها ألم يكونا لو فعلا ذلك قد حكما لإبراهيم على أنفسهما بالتقدم والحِذق والرياسة وليس هو كذلك عندهما .
اختلاف وجهتي نظر إبراهيم بن ميمون وولده في غناء ابن جامع .
ولقد أخبرنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم عن حَمّاد بن إسحاق عن أبيه .
أنه أتى أباه إبراهيم بن ميمون يوما مسلِّما فقال له أبوه يا بني ما أعلم أحدا بلغ من بر ولده ما بلغته من برك وإني لأستقل ذلك لك فهل من حاجة أصير فيها إلى محبتك قلت قد كان جعلت فداك كل ما ذكرت فأطال الله لي بقاءك ولكني أسألك واحدة يموت هذا الشيخ غدا أو بعد غد ولم أسمعه فيقول الناس لي ماذا وأنا أحل منك هذا المحل قال لي ومن هو قلت ابن جامع قال صدقت يا بني أسرجوا لنا فجئنا ابن جامع فدخل عليه أبي وأنا معه فقال يا أبا القاسم قد جئتك في حاجة فإن شئت فاشتمني وإن شئت فاقذفني غير أنه لا بد لك من قضائها هذا عبدك وابن أخيك إسحاق قال لي كذا وكذا فركبت