( قَضَى اللهُ أن يَبْقى لِهارونَ مُلْكهُ ... وكان قَضاءُ الله في الخَلْق مَقْضِيَّا ) .
( تجلَّلَت الدُّنْيا لِهارُون ذِي الرِّضا ... وأصبح نَقْفُورٌ لهارون ذِمِّيَّا ) .
فرجع الرشيد - لما أعطاه نقفور ما أعطاه - إلى الرقة فلما سقط الثلج وأمن نقفور أن يغزى اغتر بالمهلة ونقض ما بينه وبين الرشيد ورجع إلى حالته الأولى فلم يجترىء يحيى بن خالد - فضلا عن غيره - على إخبار الرشيد بغدر نقفور فبذل هو وبنوه الأموال للشعراء على أن يقولوا أشعارا في إعلام الرشيد بذلك فكلهم كع وأشفق إلا شاعرا من أهل جدة كان يكنى أبا محمد وكان مجيدا قوي النفس قوي الشعر وكان ذو اليمينين اختصه في أيام المأمون ورفع قدره جدا فإنه أخذ من يحيى وبنيه مائة ألف درهم ودخل على الرشيد فأنشده .
( نَقَض الذي أعْطاكه نَقْفورُ ... فعَلَيه دائرَةُ البَوارِ تَدُورُ ) .
( أبشِرْ أميرَ المُؤْمِنِين فإنّه ... فَتْحٌ أتاك به الإِلهُ كَبِيرُ ) .
( فلقَد تباشَرَت الرَّعِيَّة أن أتى ... بالنَّقْض عنه وافد وبَشِيرُ ) .
( ورجَتْ بيُمْنِك أن تُعجِّل غَزوةً ... تَشفِي النُّفوس نَكالُها مَذْكُورُ ) .
( أعْطاكَ جِزْيته وَطَأْطَأ خَدَّه ... حَذَرَ الصَّوارِم والرَّدَى مَحْذُورُ ) .
( فأجرْتَه من وَقْعِها وكأنَّها ... بأكُفِّنا شُعلُ الضِّرام تَطِيرُ )