وإن أبا حاتم سمع بما فعل فأتاه فقال له أين الإبل فقال يا أبت طوقتك بها طوق الحمامة مجد الدهر وكرما لا يزال الرجل يحمل بيت شعر أثني به علينا عوضا من إبلك .
فلما سمع أبوه ذلك قال أبإبلي فعلت ذلك قال نعم قال والله لا أساكنك أبدا فخرج أبوه بأهله وترك حاتما ومعه جاريته وفرسه وفلوها فقال يذكر تحول أبيه عنه .
( وإني لعَفُّ الفَقْرِ مُشْتَرَك الغِنَى ... وتَارك شكْلٍ لا يوافقُه شكْلي ) .
( وشَكْلِيَ شكلٌ لا يقومُ لمثله ... منَ الناسِ إلاّ كلُّ ذي نيقة مِثْلي ) .
( وأجْعَلُ مالي دُونَ عِرْضِي جُنَّةً ... لنفسي وأستغني بما كان مِنْ فضلي ) .
( وما ضَرَّني أن سَارَ سعْدٌ بأهلِه ... وأفْرَدَني في الدارِ لَيْسَ معي أهلي ) .
( سيَكفي ابتنائي المجد سَعْدَ بن حَشرج ... وأحمِل عنكم كلَّ ما ضاع من ثِقْلِ ) .
( ولي مَع بَذْلِ المال في المجد صَوْلَةٌ ... إذا الحربُ أبْدَتْ عن نَوَاجذها العُصْل ) .
وهذا شعر يدل على أن جده صاحب هذه القصة معه لا أنها قصة أبيه وهكذا ذكر يعقوب بن السكيت ووصف أن أبا حاتم هلك وحاتم صغير فكان في حجر جده سعد بن الحشرج فلما فتح يده بالعطاء وأنهب ماله ضيق عليه جده ورحل عنه بأهله وخلفه في دار فقال يعقوب خاصة .
فبينا حاتم يوما بعد أن أنهب ماله وهو نائم إذ انتبه وإذا حوله مائتا بعير أو نحوها تجول ويحطم بعضها بعضا فساقها إلى قومه فقالوا يا حاتم أبق على نفسك فقد رزقت مالا ولا تعودن إلى ما كنت عليه من الإسراف قال فإنها نهبى بينكم فانتهبت فأنشأ حاتم يقول