نبيط إلى منزله استلقى على فراشه ووضع إحدى رجليه على الأخرى وقال لقد أذكرتني رائقة وصاحبتها أمرا ما سمعته أذناي بعيد ليالي جاهليتنا مع جبلة بن الأيهم فقلت يا أبا الوليد أكان القيان يكن عند جبلة فتبسم ثم جلس فقال لقد رأيتُ عشر قِيَان خمس روميات يغنين بالرومية بالبرابط وخمس يغنين غناء أهل الحيرة وأهداهن إليه إياس بن قبيصة وكان يفد إليه من يغنيه من العرب من مكة وغيرها وكان إذا جلس للشرب فرش تحته الآس والياسمين وأصناف الرياحين وضرب له العنبر والمسك في صحاف الفضة والذهب وأتي بالمسك الصحيح في صحاف الفضة وأوقد له العود المندى إن كان شاتيا وإن كان صائفا بطن بالثلج وأتي هو وأصحابه بكسا صيفية يتفضل هو وأصحابه بها في الصيف وفي الشتاء الفراء الفنك وما أشبهه ولا والله ما جلست معه يوما قط إلا خلع علي ثيابه التي عليه في ذلك اليوم وعلى غيري من جلسائه هذا مع حلم عمن جهل وضحك وبذل من غير مسألة مع حسن وجه وحسن حديث ما رأيت منه خنى قط ولا عربدة ونحن يومئذ على الشرك فجاء الله بالإسلام فمحا به كل كفر وتركنا الخمرة وما كره وأنتم اليوم مسلمون تشربون هذا النبيذ من التمر والفضيخ من الزهر والرطب فلا يشرب أحدكم ثلاثة أقداح حتى