المأمون ببغداد وهي في طارمة لها تمتشط ثم خرجت إلى الباب فرأيت الموكب فظننت أن الخليفة يمر في ذلك الموضع فرجعت إليها فقلت يا ستي الخليفة يمر على بابك فقالت انظروا أي شيء هذا إذ دخل بوابها فقال علي بن هشام بالباب فقالت وما أصنع به فقامت إليها وشيكة جاريتها - وكانت ترسلها إلى الخليفة وغيره في حوائجها - فأكبت على رجلها وقالت الله الله أتحجبين علي بن هشام فدعت بمنديل فطرحته على رأسها ولم تقم إليه فقال إني جئتك بأمر سيدي أمير المؤمنين وذلك أنه سألني عنك فقلت لم أرها منذ أيام فقال هي عليك غضبى فبحياتي لا تدخل منزلك حتى تذهب إليها فتسترضيها .
فقالت إن كنت جئت بأمر الخليفة فأنا أقوم فقامت فقبلت رأسه ويديه وقعد ساعة وانصرف فساعة خرج قالت يا وشيكة هاتي دواة وقرطاسا فجعلت تكتب فيه يومها وليلتها حتى كتبت اثني عشر ألف صوت - وفي بعض النسخ رؤوس سبعة آلاف صوت - ثم كتبت إليه يا علي بن هشام تقول قد استغنيت عن بذل بأربعة آلاف صوت أخذناها منها وقد كتبت هذا وأنا ضجرة فكيف لو فرغت لك قلبي كله وختمت الكتاب وقالت لها امضي به إليه .
فما كان أسرع من أن جاء رسوله خادم أسود يقال له مخارق - بالجواب يقول فيه يا ستي لا والله ما قلت الذي بلغك ولقد كذب علي عندك إنما قلت لا ينبغي أن يكون في الدنيا غناء أكثر من أربعة آلاف صوت وقد بعثت إلي بديوان لا أؤدي شكرك عليه أبدا وبعث إليها عشرة آلاف درهم وتخوتا فيها خز ووشي وملح وتختا مطبقا فيه ألوان الطيب