حسن الخلق طيب العشرة كثير النوادر فقالتا وأنى لهن بمن هذه صفته فقال لهما أنا ذاك فقالتا انطلق معنا فوثب إلى فرس زيد فأسرجه بسرجه الذي كان يسرجه به ويركبه ودعا بحلته التي كان يضن بها فلبسها وأحضر السفط الذي كان فيه طيبه فتطيب منه وركب الفرس ومضى معهما حتى وافى الحي فأقام في محادثة أهله إلى قرب وقت صلاة العصر فأقبل في ذلك الوقت رجال الحي وقد انصرفوا غانمين من غزاتهم وأقبلت تمر به الرعلة بعد الرعلة فيقفون به فيقولون ممن الرجل فينتسب في نسب زيد فيقول كل من اجتاز به ما نرى به بأسا وينصرفون عنه إلى قرب غروب الشمس فأقبل شيخ فان على حجر هرمة هزيل ففعل مثل ما كان يفعل من اجتاز فسأله مثلما يسألون عنه فأخبره بمثل ما كان يخبر من تقدمه فقال مثل قولهم .
قال ابن أشعب قال أبي ثم رأيت الشيخ وقد وقف بعد قوله فأوجست منه خيفة لأني رأيته قد جعل يده اليسرى تحت حاجبيه فرفعهما ثم استدار ليرى وجهي فركبت الفرس فما استويت عليه حتى سمعته يقول أقسم بالله ما هذا قرشي وما هذا إلا وجه عبد فركضت وركض خلفي فرأى حجره مقصرة فلما يئس من اللحاق بي انتزع سهما فرماني به فوقع في مؤخرة السرج فكسرها ودخلتني من صوته روعة أحدثت لها في الحلة ووافيت رحل مولاي فغسلت الحلة ونشرتها فلم تجف ليلا وغلس مولاي من العرج فوافاني في وقت الرحيل فرأى الحلة منشورة ومؤخرة السرج