وأخبرني ابن عمار أبو العباس أحمد بن عبيد الله بخبر هؤلاء عن أحمد بن يحيى البلاذري قال حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي قال بلغني أن ثلاثة نفر من أهل الكوفة كانوا في الجيش الذي وجهه الحجاج إلى الديلم وكانوا يتنادمون لا يخالطون غيرهم فإنهم لعلى ذلك إذ مات أحدهم فدفنه صاحباه وكانا يشربان عند قبره فإذا بلغه الكأس هراقاها على قبره وبكيا .
ثم إن الثاني مات فدفنه الباقي إلى جنب صاحبه وكان يجلس عند قبريهما فيشرب ويصب الكأس على الذي يليه ثم على الآخر ويبكي وقال فيهما .
( نديميَّ هُبَّا طالما قد رَقَدْتُما ... ) وذكر بعض الأبيات التي تقدم ذكرها .
وقال مكان براوند هذه بقزوين وسائر الخبر نحو ما ذكرناه .
قال ابن عمار فقبورهم هناك تعرف بقبور الندماء .
ذكر العتبي عن أبيه أن الشعر للحزين بن الحارث أحد بني عامر بن صعصعة وكان أحد نديميه من بني أسد والآخر من بني حنيفة فلما مات أحدهما كان يشرب ويصب على قبره ويقول - رمل - .
( لا تُصَرِّدْ هامةً من كأسها ... واسقِهِ الخمرَ وإن كان قُبِرْ ) .
( كان حُرّاً فهوى فيمن هوى ... كلُّ عودٍ ذي شُعُوبٍ يَنْكَسِرْ ) .
قال ثم مات الآخر فكان يشرب عند قبريهما وينشد .
( خليليَّ هبا طالما قد رَقَدْتُما ... ) الأبيات .
قال ثم قالت له كاهنة إنك لا تموت حتى تنهشك حية في شجرة بوادي كذا