فرفع عمرو رأسه إلى جارية كانت قائمة على رأسه وقال بمثل هذا فليثن على الملوك ومثل ابن الفريعة فليمدحهم وأطلق له أسرى قومه .
وذكر ابن الكلبي هذه القصة نحو هذا وقال فقال له عمرو اجعل المفاضلة بيني وبين المنذر شعراً فإنه أسير فقال - متقارب - .
( ونُبِّئْتُ أنَّ أبا منذرٍ ... يُسامِيك للحدَث الأكبرِ ) .
( قَذَالُكَ أحسنُ من وجهِه ... وأمّكَ خيرٌ من المنذرِ ) .
( ويُسْراك أجْوَدُ من كفّه اليمينِ فقُولا له أخِّرِ ) .
وقد ذكر المدائني أن هذه الأبيات والسجع الذي قبلها لحسان وهذا أصح .
قال أبو عمرو الشيباني لما أسلم جبلة بن الأيهم الغساني وكان من ملوك آل جفنة كتب إلى عمر Bه يستأذنه في القدوم عليه فأذن له عمر فخرج إليه في خمسمائة من أهل بيته من عك وغسان حتى إذا كان على مرحلتين كتب إلى عمر يعلمه بقدومه فسر عمر رضوان الله عليه وأمر الناس باستقباله وبعث إليه بأنزال وأمر جبلة مائتي رجل من أصحابه فلبسوا الديباج والحرير وركبوا الخيول معقودة أذنابها وألبسوها قلائد الذهب والفضة ولبس جبلة تاجه وفيه قرطا مارية وهي جدته ودخل المدينة فلم يبق بها بكر ولا عانس إلا تبرجت وخرجت تنظر إليه وإلى زيه فلما انتهى إلى عمر رحب به وألطفه وأدنى مجلسه ثم أراد عمر الحج فخرج معه جبلة فبينا هو يطوف بالبيت وكان مشهوراً بالموسم إذ وطئ إزاره رجل من بني فزارة فانحل فرفع جبلة يده فهشم أنف الفزاري فاستعدى عليه عمر رضوان الله عليه فبعث إلى جبلة فأتاه