قال المدائني وكانت حبابة إذا غنت وطرب يزيد قال لها أطير فتقول له فإلى من تدع الناس فيقول إليك .
والله تعالى أعلم .
أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني أيوب بن عباية أن البيذق الأنصاري القارئ كان يعرف حبابة ويدخل عليها بالحجاز فلما صارت إلى يزيد بن عبد الملك وارتفع أمرها عنده خرج إليها يتعرض لمعروفها ويستميحها فذكرته ليزيد وأخبرته بحسن صوته .
قال فدعاني يزيد ليلة فدخلت عليه وهو على فرش مشرفة قد ذهب فيها إلى قريب من ثدييه وإذا حبابة على فرش أخر مرتفعة وهي دونه فسلمت فرد السلام وقالت حبابة يا أمير المؤمنين هذا أبي .
وأشارت إلي بالجلوس فجلست وقالت لي حبابة اقرأ يا أبت .
فقرأت فنظرت إلى دموعه تنحدر ثم قالت إيه يا أبت حدث أمير المؤمنين وأشارت إليّ أن غنه .
فاندفعت في صوت ابن سريج - مجزوء الخفيف - .
( من لِصَبِّ مفنَّدِ ... هائمِ القلبِ مُقْصَدِ ) .
فطرب والله يزيد فحذفني بمدهن فيه فصوص من ياقوت وزبرجد فضرب صدري فأشارت إليّ حبابة أن خذه .
فأخذته فأدخلته كمي فقال يا حبابة ألا ترين ما صنع بنا أبوك أخذ مدهننا فأدخله في كمه فقالت يا أمير المؤمنين ما أحوجه والله إليه ثم خرجت من عنده فأمر لي بمائة دينار .
نسبة هذا الصوت .
( من لِصَبِّ مفنَّدِ ... هائمِ القلبِ مُقْصَدِ ) .
( أنتِ زوَّدته الضَّنَى ... بِئْسَ زادُ المزوَّدِ )