( مررْنَ على ماءِ العُشَيْرة والهوى ... على مَلَلٍ يا لهْفَ نفسي على مَللْ ) .
( فَتى السنِّ كهلُ الحِلْمِ يهتزُّ للندَى ... أمرُّ من الدِّفْلَى وأحلى من العَسَلْ ) .
في هذه الأبيات خفيف رمل بالبنصر نسبه يحيى المكي إلى ابن سريج ونسبه الهشاميّ إلى الأبجر قال ويقال إنه لابن سهيل .
فأخبرني الحسن بن عليّ قال حدثنا أحمد بن الحارث الخرّاز عن المدائني وخبره أتمّ قال اصطحب قوم في سفر ومعهم رجل يغنّي وشيخ عليه أثر النّسك والعبادة فكانوا يشتهون أن يغنّيهم الفتى ويستحيون من الشّيخ إلى أن بلغوا إلى صحيرات اليمام فقال له المغنّي أيها الشيخ إنّ عليّ يميناً أن أنشد شعراً إذا انتهيت إلى هذا الموضع وإنّي أهابك وأستحي منك فإن رأيت أن تأذن لي في إنشاده أو تتقدّم حتّى أوفي بيميني ثم نلحق بك فافعل .
قال وما عليّ من إنشادك أنشد ما بدا لك .
فاندفع يغني - طويل - .
( وقالوا صُحَيْرات اليمام وقدَّموا ... أوائِلَهمْ من آخرِ الليل في الثَّقَلْ ) .
( وردْنَ على ماءِ العُشَيْرة والهوى ... على مَلَلٍ يا لَهْفَ نفسي على مَللْ ) .
فجعل الشيخ يبكي أحرّ بكاء وأشجاه فقالوا له ما لك يا عمّ تبكي فقال لا جزيتم خيراً هذا معكم طول هذا الطريق وأنتم تبخلون عليّ به أتفرّج به ويقطع عني طريقي وأتذكّر أيام شبابي .
فقالوا لا والله ما كان يمنعنا منه غير هيبتك .
قال فأنتم إذاً معذورون .
ثم أقبل عليه فقال عد فديتك إلى ما كنت عليه .
فلم يزل يغنيهم طول سفرهم حتّى افترقوا