عدي فأخبره فقال غشك والصليب والمعمودية وما نصحك ولئن أطعتني لتخالفن كل ما أمرك به ولتملكن ولئن عصيتني ليملكن النعمان ولا يغرنك ما أراكه من الإكرام والتفضيل على النعمان فإن ذلك دهاء فيه ومكر وإن هذه المَعَدِّيّة لا تخلو من مكرٍ وحيلةٍ فقال له إن عدياً لم يألُني نصحاً وهو أعلم بِكسْرى منك وإن خالفُته أوحشُته وأفسد عليّ وهو جاء بنا ووصَفَنا وإلى قوله يرجع كسْرى فلمَّا أيِسَ ابن مَرِينَا من قبوله منه قال ستَعلمُ ودعا بهم كسْرى فلما دخلوا عليه أعجبه جمالُهم وكمالُهم ورأى رجالاً قَلَّما رأى مثلَهم فدعا لهم بالطعام ففعلوا ما أمرهم به عديّ فجعل ينظر إلى النعمان مِنْ بينهم ويتأمّلُ أكله فقال لعديّ بالفارسية إن يكن في أحد منهم خيرٌ ففي هذا فلما غسلوا أيديَهم جعل يدعو بهم رجلا رجلا فيقول له أتكفيني العرب فيقول نعم أكفيكها كلها إلا إخوتي حتى انتهى إلى النعمان آخرهم فقال له أتكفيني العرب قال نعم قال كلها قال نعم قال فكيف لي بإخوتك قال إن عجزت عنهم فأنا عن غيرهم أعجز فملكه وخلع عليه وألبسه تاجا قيمته ستون ألف درهم فيه اللؤلؤ والذهب .
توعد ابن مرينا لعدي وتدبير المكيدة له .
فلما خرج وقد ملك قال ابن مرينا للأسود دونك عقبى خلافك لي ثم إن عديا صنع طعاما في بيعة وأرسل إلى ابن مرينا أن ائتني بمن أحببت فإن لي حاجة فأتى في ناس فتغدوا في البيعة فقال عدي بن زيد لابن مرينا ياعدي إن أحق من عرف الحق ثم لم يلم عليه من كان مثلك وإني قد عرفت أن صاحبك الأسود بن المنذر كان أحب إليك أن يملك من صاحبي النعمان فلا تلمني على شيء كنت على مثله وأنا أحب ألا تحقد علي شيئا لو قدرت عليه ركبته وأنا أحب أن تعطيني من نفسك ما أعطيك من نفسي فإن نصيبي في هذا الأمر ليس بأوفر من نصيبك وقام إلى البيعة فحلف ألا يهجوه أبدا ولا يبغيه غائلة ولا يزوي عنه خيرا