أيدينا فظننتها ثيابا وهممت أن أسأل القوم منها خرقا أقطعها قميصا وذلك أني رأيت نسجا متلاحما لا يبين له سدى ولا لحمة فلما بسطه القوم بين أيديهم إذا هو يتمزق سريعا وإذا هو فيما زعموا صنف من الخبز لا أعرفه ثم أتينا بطعام كثير بين حلو وحامض وحار وبارد فأكثرت منه وأنا لا أعلم ما في عقبه من التخم والبشم ثم أتينا بشراب أحمر في عساس فقلت لا حاجة لي فيه فإني أخاف أن يقتلني وكان إلى جانبي رجل ناصح لي أحسن الله جزاءه فإنه كان ينصح لي من بين أهل المجلس فقال يا أعرابي إنك قد أكثرت من الطعام وإن شربت الماء همى بطنك فلما ذكر البطن تذكرت شيئا أوصاني به أبي والأشياخ من أهلي قالوا لا تزال حيا ما كان بطنك شديدا فأذا اختلف فأوص فشربت من ذلك الشراب لأتداوى به وجعلت أكثر منه فلا أمل شربه فتداخلني من ذلك صلف لا أعرفه من نفسي وبكاء لا أعرف سببه ولا عهد لي بمثله واقتدار على أمري أظن معه أني لو أردت نيل السقف لبلغته ولو ساورت الأسد لقتلته وجعلت ألتفت إلى الرجل الناصح لي فتحدثني نفسي بهتم أسنانه وهشم أنفه وأهم أحيانا أن أقول له يا بن الزانية فبينا نحن كذلك إذ هجم علينا شياطين أربعة أحدهم قد علق في عنقه جعبة فارسية مشنجة الطرفين دقيقة الوسط مشبوحة بالخيوط شبحا منكرا ثم بدر الثاني فاستخرج من كمه