عدي كاتب كسرى وموفده إلى ملك الروم .
إن عندي غلاما من العرب مات أبوه وخلفه في حجري فربيته فهو أفصح الناس وأكتبهم بالعربية والفارسية والملك محتاج إلى مثله فإن رأى أن يثبته في ولدي فعل فقال ادعه فأرسل إلى عدي بن زيد وكان جميل الوجه فائق الحسن وكانت الفرس تتبرك بالجميل الوجه فلما كلمه وجده أظرف الناس وأحضرهم جوابا فرغب فيه وأثبته مع ولد المرزبان فكان عدي أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى فرغب أهل الحيرة إلى عدي ورهبوه فلم يزل بالمدائن في ديوان كسرى يؤذن له عليه في الخاصة وهو معجب به قريب منه وأبوه زيد بن حماد يومئذ حي إلا أن ذكر عدي قد ارتفع وخمل ذكر أبيه فكان عدي إذا دخل على المنذر قام جميع من عنده حتى يعقد عدي فعلا له بذاك صيت عظيم فكان إذا أراد المقام بالحيرة في منزله ومع أبيه وأهله استأذن كسرى فأقام فيهم الشهر والشهرين وأكثر وأقل ثم إن كسرى أرسل عدي بن زيد إلى ملك الروم بهدية من طرف ما عنده فلما أتاه عدي بها أكرمه وحمله إلى عماله على البريد ليريه سعة أرضه وعظيم ملكه وكذلك كانوا يصنعون فمن ثم وقع عدي بدمشق وقال فيها الشعر .
فكان مما قاله بالشأم وهي أول شعر قاله فيما ذكر .
( رُبَّ دارٍ بأسفلِ الجِزْع مِنْ دُومَةَ ... أشْهَى إليّ مِنْ جَيرُون )