( صديقٌ لنا فيما نَرَى غير أنها ... تَرى أن حبّي قد أحلّ لها قَتلي ) .
تبكي وتقول أنا ليلى .
أخبرني عمي قال حدثنا الكراني قال حدثنا العمري عن الهيثم بن عدي عن عثمان بن عمارة بن حريم عن أشياخ من بني مرة قالوا خرج منا رجل إلى ناحية الشام والحجاز وما يلي تيماء والسراة وأرض نجد في طلب بغية له فإذا هو بخيمة قد رفعت له وقد أصابه المطر فعدل إليها وتنحنح فإذا امرأة قد كلمته فقالت انزل فنزل .
قال وراحت إبلهم وغنمهم فإذا أمر عظيم فقالت سلوا هذا الرجل من أين أقبل فقلت من ناحية تهامة ونجد فقالت ادخل أيها الرجل فدخلت إلى ناحية من الخيمة فأرخت بيني وبينها سترا ثم قالت لي يا عبد الله أي بلاد نجد وطئت فقلت كلها قالت فبمن نزلت هناك قلت ببني عامر فتنفست الصعداء ثم قالت فبأي بني عامر نزلت فقلت بني الحريش فاستعبرت ثم قالت فهل سمعت بذكر فتى منهم يقال له قيس بن الملوح ويلقب بالمجنون قلت بلى والله وعلى أبيه نزلت وأتيته فنظرت إليه يهيم في تلك الفيافي ويكون مع الوحش لا يعقل ولا يفهم إلا أن تذكر له امرأة يقال لها ليلى فيبكي وينشد أشعارا قالها فيها .
قال فرفعت الستر بيني وبينها فإذا فلقة قمر لم ترعيني مثلها فبكت حتى ظننت والله أن قلبها قد انصدع فقلت أيتها المرأة اتقي الله فما قلت بأسا فمكثت طويلا على تلك الحال من البكاء والنحيب ثم قالت .
( ألا ليتَ شِعرِي والخُطُوبُ كثيرةٌ ... متى رَحْلُ قيسٍ مُسْتقِلٌّ فراجعُ ) .
( بنفسي مَنْ لا يستقلّ بِرَحْلِه ... ومَنْ هو إن لم يحفَظِ اللهُ ضائعُ )