صوته وحسبوا أن يكون قتل فتذامروا وقالوا لئن قتل شيخنا لما صنعنا شيئا فاتبعوه فإذا هو في دجلة يصيح بالناس وتغلب قد رمت بأنفسها تعبر في الماء فخرج من الماء وأقام في موضعه فهذه الوقعة الحرجية لأنهم أحرجوا فألقوا أنفسهم في الماء ثم وجه يزيد بن حمران وتميم بن الحباب ومسلم بن ربيعة والهذيل بن زفر في أصحابه وأمرهم ألا يلقوا أحدا إلا قتلوه فانصرفوا من ليلتهم وكل قد أصاب حاجته من القتل والمال ثم مضى يستقبل الشمال في جماعة من أصحابه حتى أتى رأس الأثيل ولم يخل بالكحيل أحدا والكحيل على عشرة فراسخ من الموصل فيما بينها وبين الجنوب فصعد قبل راس الأثيل فوجد به عسكرا من اليمن وتغلب فقاتلهم بقية ليلتهم فهربت تغلب وصبرت اليمن وهذه الليلة تسميها تغلب ليلة الهرير ففي ذلك يقول زفر بن الحارث وقد ذكر أنها لغيره .
( ولمَّا أن نعى النّاعي عُمَيْراً ... حسبتُ سماءهم دُهِيت بليلِ ) .
دهيت بليل أي أظلمت نهارا كأن ليلا دهاها .
( وكان النجمُ يطلُعُ في قَتَامٍ ... وخاف الذُّل مِنْ يَمَن سُهَيلُ ) .
( وكنتُ قبيْلَها يا أُمَّ عمروٍ ... أُرَجِّلُ لِمَّتي وأجرُّ ذيلي ) .
( فلو نُبِش المقابرُ عن عمير ... فيخبَرَ مِنْ بلاء أبي الهذيل )