وهي قصيدة طويلة فلما ولي عبد الله مصر ورد إليه تدبير أمر الشام علم الحصني أنه لا يفلت منه إن هرب ولا ينجو من يده حيث حل فثبت في موضعه وأحرز حرمه وترك أمواله ودوابه وكل ما كان يملكه في موضعه وفتح باب حصنه وجلس عليه ونحن نتوقع من عبد الله بن طاهر أن يوقع به فلما شارفنا بلده وكنا على أن نصبحه دعاني عبد الله في الليل فقال لي بت عندي الليلة وليكن فرسك معدا عندك لا يرد ففعلت فلما كان في السحر أمر غلمانه وأصحابه ألا يرحلوا حتى تطلع الشمس وركب في السحر وأنا وخمسة من خواص غلمانه معه فسار حتى صبح الحصني فرأى بابه مفتوحا ورآه جالسا مسترسلا فقصده وسلم عليه ونزل عنده وقال له ما أجلسك هاهنا وحملك على أن فتحت بابك ولم تتحصن من هذا الجيش المقبل ولم تتنح عن عبد الله بن طاهر مع ما في نفسه عليك وما بلغه عنك فقال إن ما قلت لم يذهب علي ولكني تأملت أمري وعلمت أني أخطأت خطيئة حملني عليها نزق الشباب وغرة الحداثة وأني إن هربت منه لم أفته فباعدت البنات والحرم واستسلمت بنفسي وكل ما أملك فإنا أهل بيت قد أسرع القتل فينا ولي بمن مضى أسوة فإني أثق بأن الرجل إذا قتلني وأخذ مالي شفى غيظه ولم يتجاوز ذلك إلى الحرم ولا له فيهن أرب ولا يوجب جرمي إليه أكثر مما بذلته قال فوالله ما اتقاه عبد الله إلا بدموعه تجري على لحيته ثم قال له أتعرفني قال لا والله قال أنا عبد الله بن طاهر وقد أمن الله تعالى روعتك وحقن دمك وصان حرمك وحرس نعمتك وعفا عن ذنبك وما تعجلت إليك وحدي إلا لتأمن من قبل هجوم الجيش ولئلا يخالط عفوي عنك روعة تلحقك فبكى الحصني وقام فقبل رأسه وضمه إليه عبد الله وأدناه ثم قال له إما لا فلا بد من عتاب يا أخي جعلني الله فداك قلت شعرا في قومي أفخر بهم لم أطعن فيه على حسبك ولا ادعيت