ملتزمه حتى فاض فلما شد لحياه بكى طويلا ثم أنشد يقول .
( يا شَرِيكي في الخير قَرّبك اللهُ ... فنعم الشّريكُ في الخير كُنتَا ) .
( قد لَعَمْري حكيْتَ لي غُصَصَ الموتِ ... فحرَّكْتَنِي لها وسَكَنْتَا ) .
قال ولما دفن وقف على قبره يبكي طويلا أحر بكاء ويردد هذه الأبيات .
( ألاَ مَنْ لي بأُنْسِك يا أُخَيّا ... ومَنْ لي أن أَبُثَّك ما لديَّا ) .
( طَوتْكَ خُطوبُ دهرك بعد نَشْرٍ ... كذاك خُطوبُه نَشْراً وطيَّا ) .
( فلو نَشرتْ قُواك ليَ المنايا ... شكوتُ إليك ما صنعتْ إليَّا ) .
( بكيتُك يا عليٌّ بدمع عَيني ... فما أغنَى البكاءُ عليك شَيَّا ) .
( وكانت في حياتك لي عِظاتٌ ... وأنت اليومَ أوعظُ منك حياَّ ) .
قال علي بن الحسين مؤلف هذا الكتاب هذه المعاني أخذها كلها أبو العتاهية من كلام الفلاسفة لما حضروا تابوت الإسكندر وقد أخرج الإسكندر ليدفن قال بعضهم كان الملك أمس أهيب منه اليوم وهو اليوم أوعظ منه أمس .
وقال آخر سكنت حركة الملك في لذاته وقد حركنا اليوم في سكونه جزعا لفقده .
وهذان المعنيان هما اللذان ذكرهما أبو العتاهية في هذه الأشعار .
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني جعفر ابن الحسين المهلبي قال .
لقينا أبو العتاهية فقلنا له يا أبا إسحاق من أشعر الناس قال الذي يقول .
( اللهُ أنجحُ ما طلبتَ به ... والبِرُّ خيرُ حقيبة الرَّحْلِ ) .
فقلت أنشدني شيئا من شعرك فأنشدني