ابتدأ به فقال إن هذا لمن بعض ما كنت أقول ثم قال أنى لك هذا قال سمعت هذه الأعاجم تتغنى بالفارسية فثقفتها وقلبتها في هذا الشعر قال له فأنت حر لوجه الله فلزم مولاه وكثر أدبه واتسع في غنائه ومهر بمكة وأعجبوا به لظرفه وحسن ما سمعوه منه فدفع إليه مولاه عبيد بن سريج وقال له يا بني علمه واجتهد فيه وكان ابن سريج أحسن الناس صوتا فتعلم منه ثم برز عليه حتى لم يعرف له نظير .
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا أخي هارون عن ابن الماجشون عن شيخ من أهل المدينة وأخبرني محمد بن خلف بن المرزبان والحسين بن يحيى قالا أخبرنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال ذكر ابن الكلبي عن أبي مسكين عن شيخ من أهل المدينة قال .
دخلت على رجل من قريش بالمدينة وعنده رجل ساكن الطرف نبيل تأخذه العين لا أعرفه فقال له القرشي أقسمت عليك إلا ما غنيت صوتا فحول خاتمه من خنصره اليسرى إلى بنصره اليمنى ثم تناول قدحا فغناه لحن ابن سريج في شعر كعب بن جعيل .
( إذا امتشطتْ عالَوْا لها بوِسادةٍ ... ومدِّتْ عَسيبَ المتن أن يتعَفَّرا ) .
( ثَوَتْ نصفَ شهر تحسَبُ الشهر ليلةً ... تُنَاغي غزَالاً ساجِي الطرف أحوَرَا )