تفسير ذلك وتسوق أيام العرب سوقا بأشعارها وحروبها وما جرى فيها وكانت تشعر وتقول في الغزل والعشق وكانت قد حبب إليها اللهو والشراب ولها في الغزل والشراب أشعار كثيرة مدونة وقد كتبنا قصتها وقصة سعيد بن حميد الكاتب وما جرى بينهما في موضعه من هذا الكتاب وسنأتي عليه إن شاء الله قال حدثني القاسم بن عبد الله الحراني قال كنت عند سعيد بن حميد الكاتب ذات يوم وقد فصد وأتته هدايا فضل الشاعرة ألف جدي وألف دجاجة وألف طبق رياحين وطيب وغير ذلك فكتب إليها إن هذا اليوم يوم لا يطيب سروري إلا بحضورك وكانت من أحسن النساء ضربا بالعود وأملحهن صوتا فأتته فضرب بينها وبينه حجابا وأحضر ندماءه في ذلك اليوم ووضعت الموائد وجيئ بالشراب فلما شربنا أقداحا أخذت عودها فغنت بهذا الشعر والشعر لها والصوت والأبيات هذه .
( يا من أطلت تفرسي ... في وجهه وتنفسي ) - مجزوء الكامل - .
( أفديك من متدلل ... يزهى بقتل الأنفس ) .
( هبني أسأت ومما أسأت ... بلى أقر أنا المسي ) .
( أحلفتني ألا أسارق ... نظرة في مجلس ) .
( فنظرت نظرة عاشق ... اتبعتها بتفرس ) .
( ونسيت أني قد حلفت ... فما يقال لمن نسي ) .
قال فما أتى يوم كان أقر لعيني من ذلك اليوم .
قال أبو الحسن علي بن عيسىحضرت ليلة مع جماعة من إخواني فأنشد أحدهم لامرأة فاستحسناه وتحرر بيننا أن نعمر ليلتنا بأشعار النساء فلم ننشد تلك الليلة إلا شعر امرأة .
وهذا يدل على كثرتهن ووفور عدتهن وتعذر حصرهن وعدم الإحاطة