أطال تارةً للتوكيد وحَذَفَ تارةً للإيجاز وكَرَّر تارة للإفهام وعِلَلُ هذا مستقصاةٌ في كتابنا المؤلف في ( تأويل مُشْكِلِ القرآن ) وليس يجوز لمن قام مقاماً في تحضيض على حرب أو حَمَالة بدم أو صلح بين عشائر أن يُقَلِّلَ الكلامَ وَيَخْتَصِرَهُ ولا لمن كتب إلى عَامَّةٍ كتاباً في فتحٍ أو استصلاحٍ أن يُوجِزَ .
ولو كتب كاتب إلى أهل بلد في الدعاء إلى الطاعة والتحذير عن المعصية كِتَابَ يَزِيدَ بن الوليد إلى مَرْوَان حين بلغه عنه تَلَكّؤُهُ في بيعته ( أمَّا بعد 20 فإني أرَاكَ تُقَدِّمُ رِجْلاً وَتُؤَخِّرُ أُخْرَى فَاعْتَمِدْ على أيتهما شئت والسلام ) لم يَعْمَلْ هذا الكلام في أنْفُسها عملَهُ في نفس مَرْوَان ولكن الصواب أن يُطِيل ويُكَرِّر ويُعِيدَ ويُبْدِىءَ ويُحَذِّرَ ويُنْذِرَ .
هذا منتهى القول فيما نختاره للكاتب فمن تَكَامَلَتْ له هذه الأدوات وأمدَّه الله بآداب النفس - من العَفَاف والحلم والصبر والتواضع للحق وسكُونِ الطائر وخَفْضِ الْجَناَح - فهذا المتناهي في الفضل العالي في ذُرَى المجد الحاوي قَصَبَ السبق الفَائِزُ بخير الدارين إن شاء الله تعالى