@ 181 @ .
والدليل على صحة ما ذهبنا إليه الآية المتقدمة وذلك من أربعة أوجه .
الأول ما قدمناه من أن المثل حقيقة هو المثل من طريق الخلقة .
الثاني أنه قال ( ! < من النعم > ! فبين جنس المثل ولا اعتبار عند المخالف بالنعم بحال .
الثالث أنه قال ( ! < يحكم به ذوا عدل منكم > ! ) وهذا ضمير راجع إلى مثل من النعم لأنه لم يتقدم ذكر سواه يرجع الضمير إليه والقيمة التي يزعم المخالف أنه يرجع الضمير إليها لم يتقدم لها ذكر .
الرابع أنه قال ( ! < هديا بالغ الكعبة > ! والذي يتصور فيه الهدي مثل المقتول من النعم فأما القيمة فلا يتصور أن تكون هديا .
فإن قيل القيمة مثل شرعي من طريق المعنى في الحيوان وغيره حتى يقال القيمة مثل للعبد ولا يجعل في الإتلاف مثله عبدا يغرم فيه وأوجبنا في ذوات الأمثال في المتلفات المثل خلقة لأن الطعام كالطعام والدهن كالدهن ولم يوجب في العبد عبد مثله لأن الخلقة لم تقم بالمثلية فكيف أن يجعل البدنة مثلا للنعامة .
قلنا هذا مزلق ينبغي أن يتثبت فيه قدم الناظر قليلا ولا يطيش حلمه فاسمع ما نقول فلا خفاء بواضح الدليل الذي قدمناه من كتاب الله وليس يعارضه الآن ما موهوا به من أن النعامة لا تماثلها البدنة فإن الصحابة قضوا بها فيها وهم بكتاب الله أفهم وبالمثل من طريق الخلقة والمعنى أعلم فلا يتوهم متوهم سواه إلا وهم ولا يتهمهم في قصور النظر إلا من ليس بمسلم .
والدقيقة فيه أن مراعاة ظاهر القرآن مع شبه واحد من طريق الخلقة أولى من إسقاط ظاهر القرآن مع التوفر على مراعاة الشبه المعنوي وهذا ما لا يستقل بدركه في مطرح النظر إلا نافذ البصيرة والبصر .
فإن قيل يحتمل أنهم قوموا النعامة بدراهم ثم قوموا البدنة بدراهم قلنا هذا جهل من وجهين .
أحدهما أن سرد الروايات على ما سنورده يبطل هذا فإنه ليس فيه شيء منه