@ 5 @ .
وسمعت بمدينة السلام شيخ القراء البصريين يقرأ في دار بها الملك ( ! < والسماء ذات البروج > ! ) فكأني ما سمعتُها قط حتى بلغ إلى قوله تعالى ( ! < فعال لما يريد > ! ) فكأنَّ الإيوان قد سقط علينا .
والقلوب تخشع بالصوت الحسن كما تخضع للوجه الحسن وما تتأثّر به القلوب في التقوى فهو أعظم في الأجر وأقرب إلى لين القلوب وذهاب القسوة منها .
وكان ابن الكازروني يأوي إلى المسجد الأقصى ثم تمتعنا به ثلاث سنوات ولقد كان يقرأ في مهد عيسى فيسمع من الطُّور فلا يقدر أحد أن يصنع شيئاً طول قراءته إلا الاستماع إليه .
وكان صاحب مصر الملقب بالأفضل قد دخلها في المحرم سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وحوّلها عن أيدي العباسية وهو حنق عليها وعلى أهلها بحصارِه لهم وقتالهم له فلما صار فيها وتدانى بالمسجد الأقصى منها وصلى ركعتين تصدّى له ابن الكازروني وقرأ ( ! < قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير > ! ) آل عمران 26 فما ملك نفسه حين سمعه أن قال للناس على عظم ذنبهم عنده وكثرة حقده عليهم ( ! < لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين > ! ) يوسف 92 .
والأصوات الحسنة نعمةٌ من الله تعالى وزيادةٌ في الخلق ومنّة وأحقّ ما لبست هذه الحلة النفيسة والموهبة الكريمة كتاب الله فنعم الله إذا صُرفت في الطاعة فقد قضي بها حقُّ النعمة