@ 25 @ .
الثالث قال أبو عبد الرحمن التجيبي كنت عند عمر بن عبد العزيز قاعدا وهو إذ ذاك أمير المدينة فأتي برجل يقطع الدراهم وقد شهد عليه فضربه وحلقه فأمر فطيف به وأمره أن يقول هذا جزاء من يقطع الدراهم ثم أمر به أن يرد إليه فقال له إنه لم يمنعني أن أقطع يدك إلا أني لم أكن تقدمت في ذلك قبل اليوم فقد تقدمت في ذلك فمن شاء فليقطع .
قال القاضي ابن العربي أما أدبه بالسوط فلا كلام فيه وأما حلقه فقد فعله عمر كما تقدم .
وقد كنت أيام الحكم بين الناس أضرب وأحلق ؛ وإنما كنت أفعل ذلك بمن يربي شعره عونا على المعصية وطريقا إلى التجمل به في الفسوق وهذا هو الواجب في كل طريقة للمعصية أن يقطع إذا كان ذلك غير مؤثر في البدن .
وأما قطع يده فإنما أخذ ذلك عمر - والله أعلم - من فصل السرقة وذلك أن قرض الدراهم غير كسرها فإن الكسر إفساد الوصف والقرض تنقيص القدر فهو أخذ مال على جهة الاختفاء .
فإن قيل ليس من حرز والحرز أصل في القطع .
قلنا يحتمل أن يكون عمر رأى أن تهيئتها للفصل بين الخلق دينارا أو درهما حرز لها وحرز كل شيء على قدر حاله .
وقد أنفذ بعد ذلك ابن الزبير وقطع يد رجل في قطع الدراهم والدنانير .
وقد قال علماؤنا المالكية إن الدراهم والدنانير خواتيم الله عليها اسم الله ولو قطع على قول أهل التأويل من كسر خاتما لله لكان أهلا لذلك إذ من كسر خاتم سلطان عليه اسمه أدب وخاتم الله تقضى به الحوائج فلا يستويان في العقوبة