@ 469 @ وقد ذهلت الحنفية عن هذه الحقيقة فظنوا أن إزالة النجاسة أمر حسي تعم زوال العين في بعض المواضع وهو إذا ظهرت حسي وكونها بعينها نجسة حكمي وبقاء المحل نجسا بعد زوال عينها حكمي وقد حققنا ذلك في مسائل الخلاف $ المسألة الرابعة $ $ قوله تعالى ( ! < فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا > ! ) دليل على أنهم لا يقربون مسجدا سواه لأن العلة وهي النجاسة موجودة فيهم والحرمة موجودة في المسجد .
وقد اختلف الناس في هذا كثيرا فرأى الشافعي أن هذا مخصوص بالمسجد الحرام لا يتعداه إلى غيره من المساجد وهذا جمود منه على الظاهر الذي يسقط هذا الظاهر فإن الله لم يقل لا يقرب هؤلاء المسجد الحرام فيكون الحكم مقصورا عليهم ولو قال لا يقرب المشركون والأنجاس المسجد الحرام لكان تنبيها على التعليل بالشرك أو النجاسة أو العلتين جميعا بل أكد الحال بيان العلة وكشفها فقال ( ! < إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام > ! ) يريد ولا بد لنجاستهم فتعدت العلة إلى كل موضع محترم بالمسجدية .
ومما قاله مع غيره من الناس أن الكافر يجوز له دخول المسجد بإذن المسلم واستدل عليه بأن النبي ربط ثمامة بن أثال في المسجد وهو مشرك .
قال علماؤنا هذا الحديث صحيح لكن النبي قد كان علم إسلامه وهذا وإن سلمناه فلا يضرنا لأن علم النبي بإسلامه في المآل لا يحكم له به في الحال .
وقال جابر بن عبد الله العموم بمنع المشركين عن قربان المسجد الحرام مخصوص في العبد والأمة .
وهذا قول باطل وسند ضعيف لا يخص بمثله العمومات المطلقة فكيف المعللة بالعلة العامة المتناولة لجميعها وهي الشرك