بالكمال وبلوغه الدرجة القصوى منه لجعله المبتدأ ذلك وتقدير الخبر باللام فكان نفي الريب عنه تأكيدا لكماله كأنه قال هو ذلك الكتاب .
ومثله قوله ( سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) فإن معنى قوله تعالى ( لا يؤمنون ) معنى ما قبله وكذلك أيضا قوله تعالى بعده ( ختم الله على قلوبهم ) تأكيد ثان لأن عدم التفاوت بين الانذار وعدمه لا يصح إلا في حق من ليس له قلب يخلص إليه الحق وسمع تدرك به حجة وبصر تثبت به عبرة .
وقوله تعالى ( يخادعون الله والذين آمنوا ) كذلك أيضا تأكيد لما قبله لأن المخادعة ليست شيئا غير قولهم ( آمنا ) مع أنهم غير مؤمنين فلذلك لم يقل ( ويخادعون ) .
وكذلك قوله تعالى ( قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون ) وقوله تعالى ( ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا ) وإن كان الثاني أبلغ من الأول لأن حال من لا يصح السمع منه أبلغ في عدم الانتفاع بالكلام من حال من يصح ذلك منه .
فأما قوله تعالى ( ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ) فإنه يحتمل أن يكون من التأكيد من حيث إن المرتفع عن جنس البشرية من المخلوقات