المنطوق بها وصورتها ( في النفس ) لعجزهم عن ذلك . وإنما يأتون بأصوات فيها الشبه اليسير من حروفنا فلا يستحق لذلك أن تكون كلاما ولا ان يكون الناطق بها متكلما كما أن الذي يصور الحيوان تجسيما أو ترقيما لا يسمى خالقا للحيوان وإنما يقال مصور وحاكٍ ومشبه . وأما القديم سبحانه فإنه قادر على إحداث الكلام على صورته الحقيقية وأصواته الحيوانية في الشجرة والهواء وما أحب سبحانه وشاء . فهذا فرق .
فإن قلت : فقد أحال سيبويه قولنا : أشربُ ماء البحر وهذا منه حظر للمجاز الذي أنت مدع شياعه وانتشاره .
قيل : إنما أحال ذلك على أن المتكلم يريد به الحقيقة وهذا مستقيم إذ الإنسان الواحد لا يشرب جميع ماء البحر . فأما إن أراد به بعضه ثم أطلق هناك اللفظ يريد به جميعه فلا محالة من جوازه ألا ترى إلى ( قول الأسود بن يعفر ) .
( نزلوا بأنقِرة يسيل عليهم ... ماءُ الفرات يجئ من أطواد ) .
( فلم يحصل ) هنا جميعه لأنه قد يمكن أن يكون بعضُ مائه مختلجا قبل وصوله إلى أرضهم ( بشرب أو بسقى ) زرع ونحوه . فسيبويه إذاً إنما وضع هذه اللفظة