الجنس من الفعل ومعلوم أنه لم يكن منه جميع القيام وكيف يكون ذلك وهو جنس والجنس يُطبق جميع الماضى وجميع الحاضر وجميع الآتى الكائنات مِن كل مَن وُجد منه القيام . ومعلوم أنه لا يجتمع لإنسان واحد ( في وقت واحد ) ولا في مائة ألف سنةٍ مضاعفةٍ القيام كله الداخل تحت الوهم هذا محال عند كل ذى لبّ . فإذا كان كذلك علمت أن ( قام زيد ) مجاز لا حقيقة وإنما هو على وضع الكل موضع البعض للاتساع والمبالغة وتشبيه القليل بالكثير . ويدل على انتظام ذلك لجميع جنسه أنك تُعمله في جميع أجزاء ذلك الفعل فتقول : قمت قومة وقومتين ومائة قومةٍ وقياما حسنا وقياما قبيحا . فإعمالك إياه في جميع أجزائه يدل على أنه موضوع عندهم على صلاحه لتناول جميعها . وإنما يعمل الفعل من المصادر فيما فيه عليه دليل ألا تراك لا تقول : قمت جلوسا ولا ذهبت مجيئا ولا نحو ذلك لما لم تكن فيه دلالة عليه ألا ترى إلى قوله : .
( لعمرى لقد أحببتك الحبَّ كله ... وزدتِك حبَّا لم يكن قبل يعرف ) .
فانتظامه لجميعه يدل على وضعه على اغتراقه واستيعابه وكذلك قول الآخر : .
( فقد يجمع الله الشتيتين بعدما ... يظنان كل الظن أن لا تلاقيا )