فأما قولهم : ملكتُ عبدا ودخلت دارا وبنيت حماما فحقيقى هو ونحوه لا استعارة فيه ولا مجاز في هذه المفعولات لكن في الأفعال الواصلة إليها مجاز . وسنذكره . ولكن لو قال : بنيت لك في قلبى بيتا أو ملكت من الجود عبدا خالصا أو أحللتك من رأيى وثقتي دار صِدق لكان ذلك مجازا واستعارة لما فيه من الاتساع والتوكيد والتشبيه على ما مضى .
ومن المجاز كثير من باب الشجاعة في اللغة : من الحذوف والزيادات والتقديم والتأخير : والحمل على المعنى والتحريف .
ألا ترى أنك إذا قلت : بنو فلان يطؤهم الطريق ففيه من السعة إخبارك عما لا يصح وطؤه بما يصح وطؤه . فتقول على هذا : أخذنا على الطريق الواطئ لبنى فلان ومررنا بقوم موطوئين بالطريق ويا طريق طأ بنا بنى فلان أي أدنا إليهم . وتقول : بنى فلان بيته على سنن المارة رغبة في طئة الطريق بأضيافه له . أفلا ترى إلى وجه الاتساع عن هذا المجاز .
ووجه التشبيه إخبارك عن الطريق بما تخبر به عن سالكيه . فشبهته بهم إذ كان هو المؤدى لهم فكأنه هم .
وأما التوكيد فلأنك إذا أخبرت عنه بوطئه إياهم كان أبلغ من وطء سالكيه لهم . وذلك أن الطريق مقيم ملازم فأفعاله مقيمة معه وثابتة بثباته . وليس كذلك أهل الطريق لأنهم قد يحضرون فيه ويغيبون عنه فأفعالهم أيضا كذلك