عائدا على الأعالى في المعنى إذ كانا أَعليين اثنين لأنه موضع قد تُرك فيه لفظ التثنية حملا على المعنى لأنه جعل كلّ جهة منهما أعلى كقولهم : شابت مفارقه وهذا بعير ذو عثانين ونحو ذلك أو لأن الأعليين شيئان من شيئين . فإذا كان قد انضرف عن اللفظ إلى غيره ضعفت معاودته إياه لأنه انتكاث وتراجع فجرى ذلك مجرى ادغام الملحق وتوكيد ما حُذف . على أنه قد جاء منه شئ قال : .
( رءوس كبيريهنّ ينتطحان ... ) .
وأما قوله : .
( كِلاهما حين جد الحربُ ... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابى ) .
فليس من هذا الباب وإن كان قد عاد من بعد التثنية إلى الإفراد . وذلك أنه لم يقل : كلاهما قد أقلعا وأنفه راب فيكون ما أنكرناه لكنه قد أعاد ( كلا ) أخرى غير الأولى فعاملها على لفظها . ولم يقبح ذلك لأنه قد فرغ من حديث الأولى ثم استأنف من بعدها أخرى ولم يجعل الضميرين عائدين إلى كلا واحدة . وهذا كقولك : من يقومون أكرمهم ومن يقعد أضربه . فتأتى ب ( من ) الثانية فتعاملها على ما تختار مما يجوز مثله . وهذا واضح فاعرفه . ولا يحسن ومنهم من يستمعون إليك حتى إذا خرج مِن عندك لِما ذكرنا