الواو الأولى حاجزة بينها وبين الثانية كما كانت ميم ميزان تكون أيضا حاجزة بينهما - على ما قدمنا - فإذا بطل هذان ثبت قول صاحب الكتاب وسقطت عنه فضولُ المقال .
قال أبو علي : يقوى قول من قال : إن الحركة تحدث مع الحرف أن النون الساكنة مخرجها مع حروف الفم من الأنف والمتحركة مخرجها من الفم فلو كانت حركة الحرف تحدث مِن بعده لوجب أن تكون النون المتحركة أيضا من الأنف . وذلك أن الحركة إنما تحدث بعدها فكان ينبغي ألا تغنى عنها شيئا لسبقها هى لحركتها .
كذا قال - C - ورأيته معنيا بهذا الدليل . وهو عندى ساقط عن سيبويه وغير لازم له .
وذلك ( أنه لا ينكر ) أن يؤثر الشئ فيما قبله من قبل وجوده لأنه قد علم أن سيرد فيما بعد . وذلك كثير .
فمنه أن النون الساكنة إذا وقعت بعدها الباء قُلبت النون ميما في اللفظ . وذلك نحو عمبر وشمباء في عنبر وشنباء فكما لا يُشك في أن الباء في ذلك بعد النون وقد قلبت النون قبلها فكذلك لا ينكر أن تكون حركة النون الحادثةُ بعدها تزيلها عن الأنف إلى الفم . بل إذا كانت الباء أبعد من النون قبلها من حركة النون فيها وقد أثرت على بُعدها ما أثرته كانت حركة النون التي هي أقرب