فأمّا في غير الشعر فنحو قولك في جواب مَن سألك فقال لك : أىّ شئ عندك : زيد أو عمرو أو محمد الكريم أو علىّ العاقل . فإنما جوابه الذي لا يقتضى السؤال غيره أن يجيبه بنكرة في غاية ( شِياع مثلها ) فيقول : جِسم . ألا ترى أنه قد يجوز أن يكون في قوله : أيّ شئ عندك إنما أراد أن يستفصلك بين أن يكون عندك عِلم أو قراءة أو جُود أو شجاعة وأن يكون عندك جسم مَّا . فإذا قلت : جسم فقد فَصَلت بين أمرين قد كان يجوز أن يريد منك فصلك بينهما . إلا أن جسما وإن كان قد فَصَل بين المعنيين فإنه مبالغ في إبهامه . فإن تطوّعَتَ زيادة على هذا قلت : حيوان . وذلك أن حيوانا أخصّ من جسم كما أن جسما أخصّ من شئ . فإن تطوّع شيئا آخر قال في جواب أيّ شئ عندك : إنسان لأنه أخصّ من حيوان ألا تراك تقول : كلّ إنسان حيوان وليس كلّ حيوان إنسانا كما تقول : كل إنسان جسم وليس كلّ جسم إنسانا . فإن تطوع بشئ آخر قال : رجل . فإن زاد في التطوّع شيئا آخر قال : رجل عاقل أو نحو ذلك . فإن تطوع شيئا آخر قال : زيد أو عمرو ( أو نحو ذلك ) .
فهذا كله تطوع بما لا يوجبه سؤال هذا السائل .
ومنه قول أبى دُوَاد : .
( فقُصِرن الشتاءَ بعدُ عليه ... وهْو للذَود أن يقسَّمن جارُ )