فقد يجوز أن يكون من هذا . وقد يجوز أن يكون ( أبا قدامة ) منصوبا ب ( زادت ) أي فما زادت أبا قدامة تجارِبُهم إيّاه إلا المجد . والوجه أن ينصب ب ( تجاربهم ) لأنه العامل الأقرب ولأنه لو أراد إعمال الأوّل لكان حَرىً أن يعمل الثاني أيضا فيقول : فما زادت تجاربهم إيّاه أبا قدامة إلاّ كذا كما تقول : ( ضربت فأوجعته زيدا ) وتُضَعِّف ( ضربت فأوجعت زيدا ) على إعمال الأوّل . وذلك أنك إذا كنت تُعمِل الأوّل على بُعده وجب إعمال الثاني أيضا لقربه لأنه لا يكون الأبعد أقوى حالا من الأقرب .
فإن قلت : أكتفِى بمفعول العامل الأوّل من مفعول العامل الثاني قيل لك : فإذا كنت مكتفِيا مختصِرا فاكتفاؤك بإعمال الثاني الأقرب أولى من اكتفائك بإعمال الأوّل الأبعد . وليس لك في هذا ما لك في الفاعل لأنك تقول : لا أضمر على غير تقدّم ذكر إلاّ مستكرها فتعمل الأوّل فتقول ( قام وقعدا أخواك ) . فأمَّا المفعول فمنه بُدّ فلا ينبغي أن تتباعد بالعمل إليه وتترك ما هو أقرب إلى المعمول فيه منه .
ومن ذلك ( فرس وَسَاعٌ ) الذكر والأنثى فيه سواء وفرس جواد وناقة ضامر وجمل ضامر وناقة بازل وجمل بازل وهو لباب قومه وهي لُباب قومها وهم لباب قومهم قال جرير : .
( تُدَرى فوق مَتْنَيها قُرُونا ... على بَشَر وآنسةٌ لباب )