ومن وجد مقالا قال به وإن لم يسبق إليهِ غيره . فكيف به إذا تبع العلماء فيهِ وتلاهم على تمثيل معانيه .
ومن ذلك أنهم جعلوا تكرير العين في المثال دليلا على تكرير الفعل فقالوا كسَّر وقطَّع وفتَّح وغلَّق . وذلك أنهم لمّا جعلوا الألفاظ دليلة المعاني فأقوى اللفظ ينبغي أن يقابل بهِ قوّة الفعل والعين أقوى من الفاء واللام وذلك لأنها واسطة لهما ومكنوفة بهما فصارا كأنهما سِيَاج لها ومبذولان للعوارض دونها . ولذلك تجد الإعلال بالحذف فيهما دونها . فأما حذف الفاء ففي المصادر من باب وعد نحو العِدة والزِنة والطِدة والتِدَة والهبة والإبة . وأما اللام فنحو اليد والدم والفم والأب والأخ والسنة والمائة والفئة وقلّما تجد الحذف في العين .
فلمّا كانت الأفعال دليلة المعاني كرروا أقواها وجعلوه دليلا على قوّة المعنى المحدَّث به وهو تكرير الفعل كما جعلوا تقطيعه في نحو صرصر وحقحق دليلا على تقطيعه . ولم يكونوا ليضعّفوا الفاء ولا اللام لكراهية التضعيف في أول الكلمة والإشفاق على الحرف المضعّف أن يجئ في آخِرها وهو مكان الحذف وموضع الإعلال وهم قد أرادوا تحصين الحرف الدالّ على قوة الفعل . فهذا أيضا من مساوقة الصيغة للمعاني .
وقد أتبعوا اللام في باب المبالغة العين وذلك إذا كررت العين معها في نحو دَمَكْمك وصَمْحَمح وعَرَكْوك وعَصَبْصَب وغَشَمْشَم والموضعُ في ذلك للعين وإنما