الحال وتغيّرها فأمَّا المعاني فأمر ضِّيق ومَذْهَب مستصعَب ألا تراك إذا سئلت عن زيد من قولنا قام زيد سَّميته فاعلا وإن سئلت عن زيد من قولنا زيد قام سمَّيته مبتدَأ لا فاعلا وإن كان فاعلا في المعنى وذلك أنك سلكت طريق صنعة اللفظ فاٌختلفت السِمَة فأمّا المعنى فواحد فقد ترى إلى سعة طريق اللفظ وضيق طريق المعنى .
فإن قلت فأنت إذا قلت في لا أبالك إن الألف تؤذن بالإضافة والتعريف واللام تؤذن بالفصل والتنكير فقد جمعت على الشىِء الواحد في الوقت الواحد معنيين ضِدَّين وهما التعريف والتنكير وهذان كما ترى متدافعان .
قيل الفرق بين الموضعين واضح وذلك أن قولهم لا أبالك كلام جَرَى مجرى الَمَثل وذلك أنك إذا قلت هذا فإنك لا تنفى في الحقيقة أباه وإنما تخرجه مُخْرَج الدعاء أي أنت عندي مّمن يَستحقّ أن يُدْعى عليه بفقد أبيه كذا فسّره أبو عليّ وكذلك هو لمتأمِّله ألا ترى أنه قد أنَشد توكيدا لمّا رآه من هذا المعنى فيه قوله .
( وتُتَرك أخرى فَرْدة لا أخَا لها ... ) .
ولم يقل لا أخت لها ولكن لّما جرى هذا الكلام على أفواههم لا أبالك ولا أخا لك قيل مع المؤنَّث على حدّ ما يكون عليه مع المذكّر فجرى هذا نحواً من قولهم لكل أحدٍ من ذكر وانثى واثنين وجماعةٍ الصيفَ ضيعتِ اللبن على التأنيث لأنه كذا جرى أوَّلُه وإذا كان الأمر كذلك علِم أن قولهم لا أبالك إنما فيه تَعادِى ظاهرِه واجتماعُ صورتي الفصل والوصل والتعريف والتنكير لفظا لا معنى وإذا آل الأمر إلى ذلك عُدْنا إلى مثل ما كنا عليه من تنافر