وهذا الذي قاله وجه صحيح وأبين منه عندي وأوضح قولهم في العلم سَلْمان وسَلْمى فليس سلمان إذاً من سَْلمى كسكران من سكرى ألا ترى ان فعلان الذي يقاوده فَعْلَى إنما بابه الصفة كغضبان وغضبى وعطشان وعطشى وخَزْيان وخَزْيا وصَدْيان وصَدْيا وليس سلمان ولا سلمى بصفتين ولا نكرتين وإنما سلمان من سلمى كقحطان من ليلى غير أنهما كانا من لفظ واحدٍ فتلاقيا في عُرْض اللغة من غير قصد لجمعهما ولا إيثارٍ لتقاوُدهما ألا تراك لا تقول هذا رجل سلمان ولا إمرأة سلمى كما تقول هذا سكران وهذه سكرى وهذا غضبان وهذه غضبى وكذلك لو جاء في العَلَم ليلان لكان ليلان من ليلى كسلمان من سلمى وكذلك لو وُجد في العلم قَحْطَى لكان من قحطان كَسْلمى من سَلمْان .
وأقرب إلى ذلك من سلمان وسلمى قولهم في العَلَم عَدْوان والعَدْوَى مصدر أعداه الجَرَب ونحوه ومن ذلك قولهم أسعد لبَطْنٍ من العرب ليس هذا من سُعْدَى كالأكبر من الكبرى والأصغِر من الصغرى وذلك أن هذا إنما هو تقاوُد الصفة وأنت لا تقول مررت بالمرأة السُعْدَى ولا بالرجل الأسعد فينبغي على هذا أن يكون أسعد من سُعْدَى كأسلم من بُشْرَى وذهب بعضهم إلى أنّ أسعد تذكير سُعْدَى ولو كان كذلك لكان حًرى أنّ يجىء بهِ سماع ولم نسمعهم قطُّ وصفوا بسعدى وإنما هذا تلاقٍ وقع بين هذين الحرفين المَّتَفِقِي اللفظ كما يقع هذان المثالان في المُخْتَلِفَيه نحو أسلم وبشرى