فإن قيل ولم وضع الكلام على ما كان مستقلاّ بنفسه البتّة والقول على ما قد يستقل بنفسهّ وقد يحتاج إلى غيره أَلاشتقاق قضى بذلك أم لغيره من سماع متلقَّىً بالقبول والاتّباع قيل لا بل لاشتقاق قضى بذلك دون مجرّد السماع وذلك أنا قد قدّمنا في أوّل القول من هذا الفصل أنّ الكلام إنما هو من الكَلْم والكَلام والكُلوم وهي الجراح لما يدعو إليه ولما يجنيه في أكثر الأمر على المتكلمة وأنشْدنا في ذلك قوله .
( وجرح اللسان كجرح اليد ... ) .
ومنه قوله .
( قوارض تأتيني ويحتقرونها ... وقد يملا القَطْر الإناء فيفعم ) .
ونحو ذلك من الأبيات التي جئنا بها هناك وغيرها مما يطول به الكّتاب وإنما ينقم من القول ويحقر ما ينثى ويؤثر وذلك ما كان منه تامّا غير ناقص ومفهوماً غير مستبهِم وهذه صورة الجمل وهو ما كان من الألفاظ قائماً برأسه غير محتاج إلى متمّم له فلهذا سمَّوا ما كان من الألفاظ تاماً مفيداً كلاماً لأنه