ومن ادلّ الدليل على أن هذه الأشياء التي ندّعى أنها أصول مرفوضة لا يعتقد أنها قد كانت مرّة مستعملَة ثم صارت من بعد مهمَلة ما تعرضه الصنعة فيها من تقدير ما لا يطُوع النطق به لتعذّره وذلك كقولنا في شرح حالِ الممدودِ غير المهموزِ الأصل نحو سماء وقضاء ألا ترى أن الأصل سماوٌ وقضاىٌ فلمّا وقعت الواو والياء طَرفا بعدَ ألفٍ زائدة قلبتا ألفين فصار التقدير بهما إلى سماا وقضاا فلمّا التقت الألفانِ تحرّكت الثانيه منهما فأنقلبت همزة فصار ذلك إلى سماء وقضاء أفلا تعلم ان أحد ما قدّرته وهو التقاء الالفين لا قدرة لأحدٍ على النطق به .
وكذلك ما نتصوّره وننّبه عليِه أبدا من تقدير مفعوٍل مما عينه أحَد حرفي العلّة وذلك نحو مبِيع ومكيول ومقول ومَصُوغ ألا تعلم أن الأصل مبْيُوع ومكبول ومقوول ومصووغ فنقلت الضمّة من العين إلى الفاء فسكنت وواو مفعولٍ بعدها ساكنه فحذفت إحداهما على الخلاف فيهما لالتقاء الساكنين فهذا جمع لهما تقديرا وحكما فأمّا أن يمكن النطق بهما على حالٍ فلا .
واعلم مع هذا أن بعض ما ندّعى أصلَّيته من هذا الفنّ قد يُنطَق به على ما ندّعيه من حاله وهو أقوى الأدلة على صِحَة ما نعتقده من تصوّر الأحوال الأوَل وذلك اللغتان تختلف فيهما القبيلتان كالحِجازّية والتميمية ألا ترى انا نقول في الأمر من المضاعف في التميمية نحو شُدّ وضَنّ وفِرّ واستَعِدّ واصطبّ يا رجل