وفي يستعدّ يستعدِد فهذا يوهم أن هذه الألفاظ وما كان نحوها مما يُدعى أن له أصلا يخالف ظاهر لفظِه قد كان مرّة يقال حتى إنهم كانوا يقولون في موضع قام زيد قَوَم زيد وكذلك نوِم جعفر وطَوُلَ محمد وشدَد أخوك يده واستعدد الأمير لعدوّه وليس الأمر كذلك بل بضدّه وذلك أنه لم يكن قطّ مع اللفظ بِه إلاّ على ما تراه وتسمعه .
وإنما معنى قولنا أنه كان أصله كذا أنه لو جاء مجىء الصحيح ولم يُعلَل لوجب أن يكون مجيئه على ما ذكرنا فأمّا أن يكون استُعمِل وقتا من الزمان كذلك ثم انُصرِف عنه فيما بعد إلى هذا اللفظ فخطأ لا يعتقده أحد من أهل النظر .
ويدلّ على أن ذلك عند العرب معتقَد كما أنه عندنا مراد معتقَد إخراجُها بعض ذلك مع الضرورة على الحدّ الذي نتصوّره نحن فيه وذلك قوله .
( صددت فأطْولت الصدود وقلّما ... وِصال على طوِل الصدودِ يدوم ) هذا يدلّك على أن أصل أقام أقْوم وهو الذى نومىء نحن إليِه ونتخيّله فربّ حرف يخرج هكذا مَنْبهة على أصل بابهِ ولعلّه إنما أخرِج على أصله فَتُجُشِّم ذلك فيه لمِاَ يُعقِب من الدلالة على أوّليَّة أحوال أمثالِه .
وكذلك قوله .
( أنى أجود لأقوام وإن ضننِوا ... )