وأمّا ما رُوى لنا فكثير منه ما حَكَى الأصمعيّ عن أبي عمرو قال سمعت رجلا من اليمن يقول فلان لَغُوبٌ جاءته كتابي فاحتقرها فقلت له أتقول جاءته كتابي قال نعم أليس بصحيفة أفتُراك تِريد من أبي عمرو وطبقتة وقد نظروا وتدرَّبوا وقاسُوا وتصرّفوا أن يسمعوا أعرابياً جافيا غُفْلا يعلّل هذا الموضع بهذه العلَّة ويحتجّ لتأنيث المذكّر بما ذكَره فلا يهتاجواهم لمثله ولا يسلكوا فيه طريقته فيقولوا فعلوا كذا لكذا وصنعوا كذا لكذا وقد شرع لهم العربيّ ذلك ووقَفهم على سَمْتِه وأَمِّه .
وحدّثنا أبو عليّ عن أبي بكر عن أبي العباس أنه قال سمعت عُمَارة بن عَقِيل ابن بِلاَل بن جَرِير يقرأ ( ولا الليلُ سابقُ النهارَ ) فقلت له ما تريد قال أردتُ سابقٌ النهارَ فقلت له فهَلاَّ قلته فقال لو قلُته لكان أوزن ففي هذه الحكاية لنا ثلاثة أغراضٍ مستنبَطَة منها أحدها تصحيح قولنا إن أصل كذا كذا والآخر قولنا إنها فَعَلتْ كذا لكذا ألا تراه إنما طلب الِخفّة يدلّ عليه قولُه لكان أوزان أي أثقلَ في النفس وأقوى من قولهم هذا درهم وازن أي ثقيل له وزن والثالث أنها قد تنطق بالشئ غيره في أَنفُسَها اقوى منه لإيثارها التخفيف .
وقال سيبويه حدثنا من نِثق به أن بعض العرب قيل له أمَا بمكان كذا وكذا وَجْدٌ فقال بلى وِجَاذاً أي أعرِفُ بها وِجَاذاً وقال أيضا وسمعنا بعضهم