ومحصول الحديث فالعمل من الرفع والنصب والجرّ والجزم إنما هو للمتكلّم نفسِه لا لشئ غيرهِ وإنما قالوا لفظيّ ومعنويّ لمّا ظهرت آثار فعل المتكلم بمضامّة اللفظ للفظ أو باشتمال المعنى على اللفظ وهذا واضح .
وأعلم أن القياس اللفظيّ إذا تأمّلته لم تجده عاريا من اشتمال المعنى عليه ألا ترى انك إذا سئلت عن إنْ من قوله .
( ورجّ الفتى للخيرِ ما إن رأيته ... على السنّ خيرا لا يزال يزِيد ) .
فإنك قائل دخلت على ما وإن كانت ما ههنا مصدريّة لشبهها لفظا بما النافية التي تؤكِّد بإنْ من قوله .
( ما إن يكاد يخلّيهِم ِلوِجهتِهِم ... تَخَالُج الأمر إن الأمر مشترك ) .
وشَبَه اللفظ بينهما يصيّر ما المصدريّة إلى أنها كأنها ما التي معناها النفي أفلا ترى أنك لو لم تجذب إحداهما إلى أنها كأنها بمعنى الأخرى لم يجز لك إلحاق إنْ بها