وهو محض القياس قال الله سبحانه : ( أخذ عزيز مقتدر ) فمقتدر هنا أوفق من قادر من حيث كان الموضع لتفخيم الأمر وشدّة الأخذ . وعليه - عندي - قول الله - عزَّ وجلَّ - : ( لها ما كَسَبَتْ وعليها ما اكتسبَتْ ) وتأويل ذلك أن كسب الحسنة بالإضافة إلى اكتساب السيئة أمر يسير ومستصغَر . وذلك لقوله - عزَّ اسمه - : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي إلا مثلها ) أفلا ترى أن الحسنة تصغر بإضافتها إلى جزائها صِغر الواحد إلى العشرة ولمَّا كان جزاء السيئة إنما هو بمثلها لم تحتقر إلى الجزاء عنها فعلم بذلك قوّة فعل السيِّئة على فعل الحسنة ولذلك قال - تبارك وتعالى - : ( تكاد السموات يتفطَّرن منه وتنشقُّ الأرض وتخرّ الجبال هدّا أن دعوا للرحمن ولدا ) فإذا كان فعل السيئة ذاهبا بصاحبه إلى هذه الغاية البعيدة المترامية عُظِّم قدرها وفُخِّم لفظ العبارة عنها فقيل : لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت . فزِيد في لفظ فِعل السيئة وانتقِص من لفظ فعل الحسنة لما ذكرنا . ومثله سواءً بيت الكتاب : .
( أنا اقتسمنا خُطَّتَيْنا بيننا ... فحملت برة واْحتملت فجارِ )